سورة «الطارق»
صفحة 1 من اصل 1
سورة «الطارق»
سورة «الطارق»
سورة «الطارق»مكية وهي سبع عشرة آية
بسم الله الرحمَن الرحيم
** قوله تعالى: {وَالسّمَآءِ وَالطّارِقِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطّارِقُ * النّجْمُ الثّاقِبُ }.
قوله تعالى: {وَالسّمَآءِ وَالطّارِقِ } قَسَمان: «السماء» قَسَم, و«الطارق» قَسَم. والطارق: النجم. وقد بينه الله تعالى بقوله: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطّارِقُ * النّجْمُ الثّاقِبُ }. واختلف فيه¹ فقيل: هو زُحَل: الكوكب الذي في السماء السابعة¹ ذكره محمد بن الحسن في تفسيره, وذكر له أخباراً, الله أعلم بصحتها. وقال ابن زيد: إنه الثّريا. وعنه أيضاً أنه زُحَل¹ وقاله الفراء. ابن عباس: هو الجَدْي. وعنه أيضاً وعن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ والفراء: «النجم الثاقِب»: نجم في السماء السابعة, لا يسكنها غيره من النجوم¹ فإذا أخَذَت النجوم أمكنتها من السماء, هبط فكان معها, ثم يرجع إلى مكانه من السماء السابعة, وهو زُحَل¹ فهو طارق حين ينزل, وطارق حين يصعد. وحكى الفراء: ثَقُبَ الطائر: إذا ارتفع وعلا. وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً مع أبي طالب, فانحط نجم, فامتلأت الأرض نوراً, ففزِع أبو طالب, وقال: أي شيء هذا؟ فقال: «هذا نجم رُميَ به, وهو آية من آيات الله» فعجِب أبو طالب, ونزل: {وَالسّمَآءِ وَالطّارِقِ }. وروي عن ابن عباس أيضاً «والسماءِ والطارِقِ» (قال: السماء) وما يطْرُق فيها. وعن ابن عباس وعطاء: «الثاقب»: الذي تُرْمَى به الشياطين. قتادة: هو عام في سائر النجوم¹ لأن طلوعها بليلٍ, وكل من أتاك ليلاً فهو طارق. قال:
ومِثلك حبلى قد طرقت ومرضِعاًفألهيتها عن ذِي تمائم مُغْيِل
وقال:
ألم ترياني كلما جئت طارقاًوجدت بها طيباً وإن لم تَطَيّبِ
فالطارق: النجم, اسم جنس, سمي بذلك لأنه يطرق ليلاً, ومنه الحديث: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرُق المسافر أهلَه ليلاً, كي تستحِدّ المُغِيبة, وتمتشط الشعِثة». والعرب تسمي كل قاصدٍ في الليل طارقاً. يقال: طرق فلان إذا جاء بليل. وقد طرُق يطرق طروقاً, فهو طارق. ولابن الرومِي:
يا راقدَ الليل مسروراً بأوّلهِإن الحوادث قد يطرُقن أسحارا
لاتفرحَنّ بليل طاب أوّلهفرب آخرِ ليلٍ أجّج النارا
وفي الصحاح: والطارق: النجم الذي يقال له كوكب الصبح. ومنه قول هند:
نحنُ بناتِ طارِقٍنمشي على النمارقِ
أي إن أبانا في الشرف كالنجم المضيء. الماورديّ: وأصل الطّرْق: الدّق, ومنه سميت المِطرقة, فسمي قاصدُ الليلِ طارقاً, لاحتياجه في الوصول إلى الدق. وقال قوم: إنه قد يكون نهاراً. والعرب تقول¹ أتيتك اليوم طَرْقَتين: أي مرتين. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «أعوذ بك من شر طوارِقِ الليل والنهار, إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن». وقال جرير في الطروق:
طَرَقَتْكَ صائدةُ القلوب وليس ذاحينَ الزيارة فارجِعِي بسلامِ
ثم بين فقال: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطّارِقُ * النّجْمُ الثّاقِبُ } والثاقب: المضيء. ومنه {شِهَابٌ ثَاقِبٌ} (الصافات: 10). يقال: ثقُب يثْقُب ثُقُوباً وثقابة: إذا أضاء. وثُقوبُه: ضوءه. والعرب تقول: أثقِب نارك¹ أي أضئها. قال:
أذاعَ به في الناسِ حتّى كأنهبعلياءَ نارٌ أوقدتْ بثَقُوبِ
الثّقوب: ما تشعل به النار من دُقاق العِيدان. وقال مجاهد: الثاقب: المتوهّج. القشيري: والمعظَم على أن الطارق والثاقب اسم جنس أريد به العُموم, كما ذكرنا عن مجاهد. {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطّارِقُ } تفخيماً لشأن هذا المقسَمِ به. وقال سفيان: كل ما في القرآن «وما أدراك؟» فقد أخبره به. وكل شيء قال فيه «وما يدريك»: لم يخبره به.
** قوله تعالى: {إِن كُلّ نَفْسٍ لّمّا عَلَيْهَا حَافِظٌ }.
قال قتادة: حَفَظة يحفظون عليك رِزقك وعملك وأجلك. وعنه أيضاً قال: قرِينه يحفظ عليه عمله: من خير أو شر. وهذا هو جواب القسم. وقيل: الجواب «اِنه على رجعِهِ لقادِر» في قول الترمذيّ: محمد بن علي. و«إن»: مخففة من الثقيلة, و«ما»: مؤكدة, أي إن كل نفس لعليها حافظ. وقيل: المعنى إن كل نفس إلا عليها حافظ: يحفظها من الاَفات, حتى يُسلمها إلى القدر. قال الفراء: الحافظ من الله, يحفظها حتى يسلمها إلى المقادير, وقاله الكلبيّ. وقال أبو اُمامة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وكّل بالمؤمن مائة وستون ملكاً يذُبّون عنه ما لم يقدر عليه. من ذلك البصر, سبعة أملاك يذبون عنه, كما يذب عن قصعة العسل الذباب. ولو وكِل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين». وقراءة ابن عامر وعاصم وحمزة «لَمّا» بتشديد الميم, أي ما كل نفس إلا عليها حافظ, وهي لغة هذيل. يقول قائلهم: نَشَدتك لمّا قمت. الباقون بالتخفيف, على أنها زائدة مؤكدة, كما ذكرنا. ونظير هذه الاَية قوله تعالى: {لَهُ مُعَقّبَاتٌ مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} (الرعد: 11) على ما تقدم. وقيل: الحافظ هو الله سبحانه¹ فلولا حفظه لها لم تبق. وقيل: الحافظ عليه عقله, يرشده إلى مصالحه, ويكفه عن مضارّه.
قلت: العقل وغيره وسائط, والحافظ في الحقيقة هو الله جل وعز¹ قال الله عز وجل: {فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً} (يوسف: 64), وقال: {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِالْلّيْلِ وَالنّهَارِ مِنَ الرّحْمَـَنِ} (الأنبياء: 42). وما كان مثله.
** قوله تعالى: {فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ * إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ }.
قوله تعالى: {فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ} أي ابن آدم {مِمّ خُلِقَ}؟ وجه الاتصال بما قبله توصية الإنسان بالنظر في أوّل أمره وسنته الأولى, حتى يعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائه¹ فيعمل ليوم الإعادة والجزاء, ولا يُمْلِي على حافظه إلا ما يسره في عاقبة أمره. و{مِمّ خُلِقَ}؟ استفهام¹ أي من أي شيء خلق؟ ثم قال: {خُلِقَ} وهو جواب الاستفهام {مِن مّآءٍ دَافِقٍ} أي من المنِيّ. والدّفْق: صب الماء, دفقت الماء أدفُقُه دفقاً: صببته, فهو ماء دافق, أي مدفوق¹ كما قالوا: سِرّ كاتِم: أي مكتوم¹ لأنه من قولك: دُفِق الماء, على ما لم يُسَمّ فاعله. ولا يقال: دَفَق الماءُ. ويقال: دفَقَ الله رُوحَه¹ إذا دُعِي عليه بالموت. قال الفراء والأخفش: «من ماءٍ دافِقٍ» أي مصبوب في الرّحِم. الزجاج: من ماء ذي اندفاق. يقال: دارع وفارس ونابل¹ أي ذو فرس, ودِرع, ونبل. وهذا مذهب سيبويه. فالدافق هو المندفق بشدّة قوّته. وأراد ماءين: ماء الرجل وماء المرأة¹ لأن الإنسان مخلوق منهما, لَكِنْ جعلهما ماء واحداً لامتزاجهما. وعن عكرمة عن ابن عباس: «دافِقٍ» لَزِج. {يَخْرُجُ} أي هذا الماء {مِن بَيْنِ الصّلْبِ} أي الظهر. وفيه لغات أربع: صُلْب, وصُلُب ـ وقرىء بهما ـ وصَلَب (بفتح اللام), وصالب (على وزن قالَب)¹ ومنه قول العباس:
تُـنْقَـلُ مـن صـالَـبٍ إلـى رَحِـمٍ
{وَالتّرَآئِبِ }: أي الصدر, الواحدة: تَرِيبة¹ وهي موضع القِلادة من الصدر. قال:
مهْفهفة بيضاء غيرُ مُفاضةٍترائبُها مصقولةٌ كالسّجَنْجَلِ
والصّلْب من الرجل, والترائب من المرأة. قال ابن عباس: الترائب: موضع القلادة. وعنه: ما بين ثدييها¹ وقال عكرمة. ورُوي عنه: يعني ترائب المرأة: اليدين والرجلين والعينين¹ وبه قال الضحاك. وقال سعيد بن جبير: هو الجِيد. مجاهد: هو ما بين المنكِبين والصدر. وعنه: الصّدَر. وعنه: التراقي. وعن ابن جبير عن ابن عباس: الترائب: أربع أضلاع من هذا الجانب. وحكى الزجاج: أن الترائب أربع أضلاع من يمنة الصدر, وأربع أضلاع من يسرة الصدر. وقال معمر بن أبي حبيبة المَدَنيّ: الترائب عُصارة القلب¹ ومنها يكون الولد. والمشهور من كلام العرب: أنها عظام الصدر والنحر. وقال دُريد بن الصمة:
فإن تدبِروا نأخذكُمُ في ظهورِكُمْوإن تقبِلوا نأخذكم في الترائب
وقال آخر:
وبدت كأن ترائبا من نحرهاجمرُ الغَضَى في ساعدٍ تتوقد
وقال آخر:
والزعفرانُ على ترائِبِهاشِرق به اللبات والنحرُ
وعن عكرمة: الترائب: الصدر¹ ثم أنشد:
نِـظـامُ دُرٌ عـلـى تـرائـبـهـا
وقال ذو الرمّة:
ضَـرَجْـن الـبـرود عـن تـرائـب حـرة
أي شققن. ويروى «ضرحن» بالحاء¹ أي ألقين. وفي الصحاح: والتريبة: واحدة الترائب, وهي عظام الصدر¹ ما بين الترقوة والثّندُوة.
قال الشاعر:
أشـرفَ ثَـديـاهـا علـى الـتّـرِيـبِ
وقال المثقّب العَبْدِيّ:
ومِن ذَهَبِ يُسَنّ على تَرِيبٍكلون العاج ليسَ بذي غُضونِ
عن غير الجوهريّ: الثندوة للرجل: بمنزلة الثدي للمرأة. وقال الأصمعيّ: مَغْرِز الثدي. وقال ابن السكيت: هي اللحم حول الثدي¹ إذا ضممت أوّلها همزت, وإذا فتحت لم تهمز). وفي التفسير: يخلق من ماء الرجل الذي يخرج من صلبه العظم والعصب. ومن ماء المرأة الذي يخرج من ترائبها اللحم والدّم¹ وقاله الأعمش. وقد تقدّم مرفوعاً في أوّل سورة (آلِ عمران). والحمد لله ـ وفي (الحجرات) {إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ} وقد تقدّم. وقيل: إن ماء الرجل ينزل من الدماغ, ثم يجتمع في الأنثيين. وهذا لا يعارض قوله: «من بين الصلب»¹ لأنه إن نزل من الدماغ, فإنما يمرّ بين الصلب والترائب. وقال قتادة: المعنى ويخرج من صلب الرجل وترائب المرأة. وحكى الفراء أن مثل هذا يأتي عن العرب¹ وعليه فيكون معنى من بين الصلب: من الصلب. وقال الحسن: المعنى¹ يخرج من صلب الرجل وترائب الرجل, ومن صلب المرأة وترائب المرأة. ثم إنا نعلم أن النطفة من جميع أجزاء البدن¹ ولذلك يُشْبه الرجل والديه كثيراً. وهذه الحكمة في غسل جميع الجسد من خروج المني. وأيضاً المكثر من الجماع يجد وجعاً في ظهره وصلبه¹ وليس ذلك إلا لخلوّ صلبه عما كان محتبساً من الماء. وروى إسماعيل عن أهل مكة «يخرج من بين الصّلُب» بضم اللام. ورُوِيت عن عيسى الثقفي. حكاه المهدويّ وقال: من جعل المنِيّ يخرج من بين صلب الرجل وترائبه, فالضمير في «يخرج» للماء. ومن جعله من بين صلب الرجل وترائب المرأة, فالضمير للإنسان. وقرىء «الصّلَب», بفتح الصاد واللام. وفيه أربعُ لغات: صُلْب وصُلُب وصَلَبَ وصَالَب. قال العَجّاج:
فـي صَلَـبٍ مثـلِ الـعِنـان المـؤدَمِ
وفي مدح النبيّ صلى الله عليه وسلم:
تُنْقَل من صَالَبٍ إلى رَحِمٍ
الأبيات مشهورة معروفة.
{إِنّهُ} أي إن الله جل ثناؤه {عَلَىَ رَجْعِهِ} أي على ردّ الماء في الإحليل, {لَقَادِرٌ} كذا قال مجاهد والضحاك. وعنهما أيضاً أن المعنى: إنه على رد الماء في الصلب¹ وقاله عكرمة. وعن الضحاك أيضاً أن المعنى: إنه على ردّ الإنسان ماء كما كان لقادر. وعنه أيضاً أن المعنى: إنه على ردّ الإنسان من الكِبَر إلى الشباب, ومن الشباب إلى الكبر, لقادر. وكذا في المهدوِيّ. وفي الماوردِيّ والثعلبيّ: إلى الصّبا, ومن الصبا إلى النطفة. وقال ابن زيد: إنه على حبس ذلك الماء حتى لا يخرج, لقادر. وقال ابن عباس وقتادة والحسن وعكرمة أيضاً: إنه على ردّ الإنسان بعد الموت لقادر. وهو اختيار الطبريّ. الثعلبيّ¹ وهو الأقوى¹ لقوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ }. قال الماورديّ: ويحتمل أنه على أن يعيده إلى الدنيا بعد بعثه في الاَخرة¹ لأن الكفار يسألون الله تعالى فيها الرّجْعة.
** قوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ }.
فيه مسألتان:
الأولى: العامل في «يومَ» ـ في قول من جعل المعنى إنه على بعث الإنسان ـ قوله: «لقادر», ولا يعمل فيه «رَجْعِه» لما فيه من التفرقة بين الصلة والموصول بخبر «إنّ». وعلى الأقوال الاُخر التي في «إنه على رجْعِه لقادِر», يكون العامل في «يومَ» فعل مضمر, ولا يعمل فيه «لقادر»¹ لأن المراد في الدنيا. و{تُبْلَىَ} أي تمتحن وتختبر¹ وقال أبو الغُول الطّهَوِيّ:
ولا تَبْلَى بَسالَتُهُمْ وإنْ هُمْصَلُوا بالحَرْب حِيناً بعدَ حِينِ
ويروى «تبلى بَسالتُهم». فمن رواه «تُبلى» ـ بضم التاء ـ جعله من الاختبار¹ وتكون البسالة على هذه الرواية الكراهة¹ كأنه قال: لا يُعرف لهم فيها كراهة. و«تُبْلى» تُعْرَف. قال الراجز:
قد كنتَ قبلَ اليوم تَزْدَرينِيفاليومَ أبلُوكَ وتَبْتَلِينِي
أي أعرفك وتعرفني. ومن رواه «تَبْلَى» ـ بفتح التاء ـ فالمعنى: أنهم لا يضعفون عن الحرب وإن تكررت عليهم زماناً بعد زمان. وذلك أن الأمور الشّداد إذا تكررت على الإنسان هَدّته وأضعفته. وقيل: «تُبْلَى السرائر»: أي تخرج مخبآتها وتظهر, وهو كل ما كان استسره الإنسان من خير أو شر, وأضمره من إيمان أو كفر¹ كما قال الأحوص:
سَتُبْقىَ لها في مُضْمَر القلب والحَشَاسريرةُ ودّ يوم تُبْلَى السّرائرُ
الثانية: رُوِي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اِئتمن الله تعالى خلقه على أربع: على الصلاة, والصوم, والزكاة والغُسل, وهي السرائر التي يختبرها الله عز وجل يوم القيامة». ذكره المهدويّ. وقال ابن عُمر قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من حافظ عليها فهو وليّ الله حقاً, ومن اختانهنّ فهو عدوّ الله حقاً: الصلاة, والصوم, والغُسل من الجنابة» ذكره الثعلبيّ. وذكر الماورْدِيّ عن زيد بن أسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأمانة ثلاث: الصلاة, والصوم, والجنابة. استأمن الله عز وجل ابن آدم على الصلاة, فإن شاء قال صليت ولم يصل. استأمن الله عز وجل ابن آدم على الصوم, فإن شاء قال صمت ولم يصم. استأمن الله عز وجل ابن آدم على الجنابة, فإن شاء قال اغتسلت ولم يغتسل, اقرؤوا إن شئتم {يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ}, وذكره الثعلبي عن عطاء. وقال مالك في رواية أشهب عنه, وسألته عن قوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ}: أبْلغك أن الوضوء من السرائر؟ قال: قد بلغني ذلك فيما يقول الناس, فأما حديث اُحدّث به فلا. والصلاة من السرائر, والصيام من السرائر, إن شاء قال صليت ولم يصل. ومن السرائر ما في القلوب¹ يجزي الله به العباد. قال ابن العربيّ: «قال ابن مسعود: يُغفر للشهيد إلا الأمانة, والوضوء من الأمانة, والصلاة والزكاة من الأمانة, والوديعة من الأمانة¹ وأشدّ ذلك الوديعة¹ تُمَثّل له على هيئتها يوم أخذها, فيرمي به في قعر جهنم, فيقال له: أخرجها, فيتبعها فيجعلها في عنقه, فإذا رجا أن يخرج بها زلت منه, فيتبعها¹ فهو كذلك دَهْرَ الداهرين. وقال أبيّ بن كعب: من الأمانة أن ائتُمنتِ المرأة على فرجها. قال أشهب: قال لي سفيان: في الحَيضة والحمل, إن قالت لم أحِض وأنا حامل صُدّقت, ما لم تأت بما يعرف فيه أنها كاذبة. وفي الحديث: «غُسل الجنابة من الأمانة». وقال ابن عُمر: يُبدِي الله يوم القيامة كل سر خفيّ, فيكون زيناً في الوجوه, وشيناً في الوجوه. والله عالم بكل شيء, ولكن يظهر علامات الملائكة والمؤمنين.
** قوله تعالى: {فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ }.
قوله تعالى: {فَمَا لَهُ} أي للإنسان {مِن قُوّةٍ} أي مَنْعة تمنعه. {وَلاَ نَاصِرٍ} ينصره مما نزل به. وعن عِكرمة «فما له مِن قوّةٍ ولا ناصِرٍ» قال: هؤلاء الملوك, ما لهم يوم القيامة من قوّة ولا ناصر. وقال سفيان: القوّة: العَشِيرة. والناصر: الحلِيف. وقيل: «فما له من قوّةٍ» في بدنه. «ولا ناصِرِ» من غيره يمتنع به من الله. وهو معنى قول قتادة.
** قوله تعالى: {وَالسّمَآءِ ذَاتِ الرّجْعِ * وَالأرْضِ ذَاتِ الصّدْعِ * إِنّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هوَ بِالْهَزْلِ * إِنّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً }.
قوله تعالى: {وَالسّمَآءِ ذَاتِ الرّجْعِ} أي ذات المطر. ترجِع كل سنة بمطر بعد مطر. كذا قال عامة المفسرين. وقال أهل اللغة: الرجْع: المطر, وأنشدوا للمُتَنَخّل يصف سيفاً شبهه بالماء:
أبيضُ كالرجْعِ رَسُوبٌ إذاما ثاخ في مُحْتَفَلٍ يَخْتلِي
(ثاخت قدمه في الوحل تثوخ وتثيخ: خاضت وغابت فيه¹ قاله الجوهري.
قال الخليل: الرجع: المطر نفسه, والرجع أيضاً: نبات الربيع. وقيل: {ذَاتِ الرّجْعِ}: أي ذات النفع. وقد يُسمى المطر أيضاً أوْباً, كما يسمى رَجْعاً, قال:
رَبّاء شَمّاءُ لا يأوِي لِقُلتِهاإلا السحابُ وإلا الأوبُ والسّبَلُ
وقال عبد الرحمن بن زيد: الشمس والقمر والنجوم يَرْجعن في السماء¹ تطلع من ناحية وتغيب في أخرى. وقيل: ذات الملائكة¹ لرجوعهم إليها بأعمال العباد. وهذا قَسَم. {وَالأرْضِ ذَاتِ الصّدْعِ} قَسَم آخر¹ أي تتصدّع عن النبات والشجر والثمار والأنهار¹ نظيره {ثُمّ شَقَقْنَا الأرْضَ شَقّاً} (عبس: 26)... الاَية. والصدع: بمعنى الشّق¹ لأنه يصدع الأرض, فتنصدع به. وكأنه قال: والأرض ذات النبات¹ لأن النبات صادع للأرض. وقال مجاهد: والأرض ذات الطّرُق التي تَصْدَعها المشاة. وقيل: ذاتِ الحَرْث, لأنه يصدعها. وقيل: ذاتِ الأموات: لانصداعها عنهم للنشور. {إِنّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} على هذا وقع القَسَم. أي إن القرآن يَفْصل بين الحق والباطل. وقد تقدّم في مقدمة الكتاب ما رواه الحارث عن عليّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كتاب فيه خَبَر ما قبلكم وحُكْم ما بعدكم, هو الفَصْل, ليس بالهزل, من تركه من جَبّار قَصَمه الله, ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله». وقيل: المراد بالقول الفصل: ما تقدم من الوعيد في هذه السورة, من قوله تعالى: {إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ }. {وَمَا هوَ بِالْهَزْلِ } أي ليس القرآن بالباطل واللعب. والهزل: ضدّ الجِدّ, وقد هَزَلَ يَهْزِل. قال الكميت:
يُـجَـدّ بنـا فـي كـلّ يـومٍ ونَـهْـزِل
) {إِنّهُمْ} أي إن أعداء الله {يَكِيدُونَ كَيْداً} أي يمكرون بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابِه مَكراً. {وَأَكِيدُ كَيْداً} أي أجازيهم جزاء كيدهم. وقيل: هو ما أوقع الله بهم يوم بدرٍ من القتل والأسر. وقيل: كَيْد الله: استدراجُهم من حيث لا يعلمون. وقد مضى هذا المعنى في أوّل «البقرة», عند قوله تعالى: {اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} (البقرة: 15).
** قوله تعالى: {فَمَهّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً }.
قوله تعالى: {فَمَهّلِ الْكَافِرِينَ} أي أخرهم, ولا تسأل الله تعجيل إهلاكهم, وارضَ بما يدبره في أمورهم. ثم نسخت بآية السيف {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتّمُوهُمْ} (التوبة: 5). {أَمْهِلْهُمْ} تأكيد. ومَهْل وأمهِل: بمعنى¹ مثل نَزّل وأنْزِل. وأمهله: أنظره, ومهله تمهيلاً, والاسم: المُهْلَة. والاستمهال: الاستنظار. وتَمهّل في أمره أي اتّأد. واتْمَهَلْ اتْمِهْلالا: أي اعتدل وانتصب. والاتْمِهلال أيضاً: سكون وفتور. ويقال: مهلاً يا فلان¹ أي رِفقاً وسكوناً. {رُوَيْداً } أي قريباً¹ عن ابن عباس. قتادة: قليلاً. والتقدير: أمهلهم إمهالاً قليلاً. والرّوَيْد في كلام العرب: تصغير رُوْد. وكذا قاله أبو عبيد. وأنشد:
كـأنّـهَـا ثَـمِـلٌ يـمشِـي علـى رُودِ
أي على مَهل. وتفسير «رُوَيداً»: مَهْلاً, وتفسير (رُوَيْدَك): أمهِل¹ لأن الكاف إنما تَدْخله إذا كان بمعنى أفعِل دون غيره, وإنما حرّكت الدال لالتقاء الساكنين, فنُصِب نصب المصادر, وهو مصغر مأمور به¹ لأنه تصغير الترخيم من إرواد¹ وهو مصدر أرْوَد يُرْوِد. وله أربعة أوجه: اسمٌ للفعل, وصفة, وحال, ومصدر¹ فالاسم نحو قولك: رُوَيْدا عَمْراً¹ أي أروِد عمرا , بمعنى أمهِله. والصفة نحو قولك: ساروا سيراً رُوَيْدًا. والحال نحو قولك: سار القوم رُوَيْداً¹ لما اتصل بالمعرفة صار حالاً لها. والمصدر نحو قولك: رُوَيْدَ عَمرٍو بالإضافة¹ كقوله تعالى: {فَضَرْبَ الرّقَابِ} (محمد: 4). قال جميعه الجوهريّ: والذي في الاَية من هذه الوجوه أن يكون نعتاً للمصدر¹ أي إمهالاً رُوَيداً. ويجوز أن يكون للحال¹ أي أمهلهم غير مستعجل لهم العذاب. ختمت السورة.
سورة «الطارق»مكية وهي سبع عشرة آية
بسم الله الرحمَن الرحيم
** قوله تعالى: {وَالسّمَآءِ وَالطّارِقِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطّارِقُ * النّجْمُ الثّاقِبُ }.
قوله تعالى: {وَالسّمَآءِ وَالطّارِقِ } قَسَمان: «السماء» قَسَم, و«الطارق» قَسَم. والطارق: النجم. وقد بينه الله تعالى بقوله: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطّارِقُ * النّجْمُ الثّاقِبُ }. واختلف فيه¹ فقيل: هو زُحَل: الكوكب الذي في السماء السابعة¹ ذكره محمد بن الحسن في تفسيره, وذكر له أخباراً, الله أعلم بصحتها. وقال ابن زيد: إنه الثّريا. وعنه أيضاً أنه زُحَل¹ وقاله الفراء. ابن عباس: هو الجَدْي. وعنه أيضاً وعن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ والفراء: «النجم الثاقِب»: نجم في السماء السابعة, لا يسكنها غيره من النجوم¹ فإذا أخَذَت النجوم أمكنتها من السماء, هبط فكان معها, ثم يرجع إلى مكانه من السماء السابعة, وهو زُحَل¹ فهو طارق حين ينزل, وطارق حين يصعد. وحكى الفراء: ثَقُبَ الطائر: إذا ارتفع وعلا. وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً مع أبي طالب, فانحط نجم, فامتلأت الأرض نوراً, ففزِع أبو طالب, وقال: أي شيء هذا؟ فقال: «هذا نجم رُميَ به, وهو آية من آيات الله» فعجِب أبو طالب, ونزل: {وَالسّمَآءِ وَالطّارِقِ }. وروي عن ابن عباس أيضاً «والسماءِ والطارِقِ» (قال: السماء) وما يطْرُق فيها. وعن ابن عباس وعطاء: «الثاقب»: الذي تُرْمَى به الشياطين. قتادة: هو عام في سائر النجوم¹ لأن طلوعها بليلٍ, وكل من أتاك ليلاً فهو طارق. قال:
ومِثلك حبلى قد طرقت ومرضِعاًفألهيتها عن ذِي تمائم مُغْيِل
وقال:
ألم ترياني كلما جئت طارقاًوجدت بها طيباً وإن لم تَطَيّبِ
فالطارق: النجم, اسم جنس, سمي بذلك لأنه يطرق ليلاً, ومنه الحديث: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرُق المسافر أهلَه ليلاً, كي تستحِدّ المُغِيبة, وتمتشط الشعِثة». والعرب تسمي كل قاصدٍ في الليل طارقاً. يقال: طرق فلان إذا جاء بليل. وقد طرُق يطرق طروقاً, فهو طارق. ولابن الرومِي:
يا راقدَ الليل مسروراً بأوّلهِإن الحوادث قد يطرُقن أسحارا
لاتفرحَنّ بليل طاب أوّلهفرب آخرِ ليلٍ أجّج النارا
وفي الصحاح: والطارق: النجم الذي يقال له كوكب الصبح. ومنه قول هند:
نحنُ بناتِ طارِقٍنمشي على النمارقِ
أي إن أبانا في الشرف كالنجم المضيء. الماورديّ: وأصل الطّرْق: الدّق, ومنه سميت المِطرقة, فسمي قاصدُ الليلِ طارقاً, لاحتياجه في الوصول إلى الدق. وقال قوم: إنه قد يكون نهاراً. والعرب تقول¹ أتيتك اليوم طَرْقَتين: أي مرتين. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «أعوذ بك من شر طوارِقِ الليل والنهار, إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن». وقال جرير في الطروق:
طَرَقَتْكَ صائدةُ القلوب وليس ذاحينَ الزيارة فارجِعِي بسلامِ
ثم بين فقال: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطّارِقُ * النّجْمُ الثّاقِبُ } والثاقب: المضيء. ومنه {شِهَابٌ ثَاقِبٌ} (الصافات: 10). يقال: ثقُب يثْقُب ثُقُوباً وثقابة: إذا أضاء. وثُقوبُه: ضوءه. والعرب تقول: أثقِب نارك¹ أي أضئها. قال:
أذاعَ به في الناسِ حتّى كأنهبعلياءَ نارٌ أوقدتْ بثَقُوبِ
الثّقوب: ما تشعل به النار من دُقاق العِيدان. وقال مجاهد: الثاقب: المتوهّج. القشيري: والمعظَم على أن الطارق والثاقب اسم جنس أريد به العُموم, كما ذكرنا عن مجاهد. {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطّارِقُ } تفخيماً لشأن هذا المقسَمِ به. وقال سفيان: كل ما في القرآن «وما أدراك؟» فقد أخبره به. وكل شيء قال فيه «وما يدريك»: لم يخبره به.
** قوله تعالى: {إِن كُلّ نَفْسٍ لّمّا عَلَيْهَا حَافِظٌ }.
قال قتادة: حَفَظة يحفظون عليك رِزقك وعملك وأجلك. وعنه أيضاً قال: قرِينه يحفظ عليه عمله: من خير أو شر. وهذا هو جواب القسم. وقيل: الجواب «اِنه على رجعِهِ لقادِر» في قول الترمذيّ: محمد بن علي. و«إن»: مخففة من الثقيلة, و«ما»: مؤكدة, أي إن كل نفس لعليها حافظ. وقيل: المعنى إن كل نفس إلا عليها حافظ: يحفظها من الاَفات, حتى يُسلمها إلى القدر. قال الفراء: الحافظ من الله, يحفظها حتى يسلمها إلى المقادير, وقاله الكلبيّ. وقال أبو اُمامة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وكّل بالمؤمن مائة وستون ملكاً يذُبّون عنه ما لم يقدر عليه. من ذلك البصر, سبعة أملاك يذبون عنه, كما يذب عن قصعة العسل الذباب. ولو وكِل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين». وقراءة ابن عامر وعاصم وحمزة «لَمّا» بتشديد الميم, أي ما كل نفس إلا عليها حافظ, وهي لغة هذيل. يقول قائلهم: نَشَدتك لمّا قمت. الباقون بالتخفيف, على أنها زائدة مؤكدة, كما ذكرنا. ونظير هذه الاَية قوله تعالى: {لَهُ مُعَقّبَاتٌ مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} (الرعد: 11) على ما تقدم. وقيل: الحافظ هو الله سبحانه¹ فلولا حفظه لها لم تبق. وقيل: الحافظ عليه عقله, يرشده إلى مصالحه, ويكفه عن مضارّه.
قلت: العقل وغيره وسائط, والحافظ في الحقيقة هو الله جل وعز¹ قال الله عز وجل: {فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً} (يوسف: 64), وقال: {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِالْلّيْلِ وَالنّهَارِ مِنَ الرّحْمَـَنِ} (الأنبياء: 42). وما كان مثله.
** قوله تعالى: {فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ * إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ }.
قوله تعالى: {فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ} أي ابن آدم {مِمّ خُلِقَ}؟ وجه الاتصال بما قبله توصية الإنسان بالنظر في أوّل أمره وسنته الأولى, حتى يعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائه¹ فيعمل ليوم الإعادة والجزاء, ولا يُمْلِي على حافظه إلا ما يسره في عاقبة أمره. و{مِمّ خُلِقَ}؟ استفهام¹ أي من أي شيء خلق؟ ثم قال: {خُلِقَ} وهو جواب الاستفهام {مِن مّآءٍ دَافِقٍ} أي من المنِيّ. والدّفْق: صب الماء, دفقت الماء أدفُقُه دفقاً: صببته, فهو ماء دافق, أي مدفوق¹ كما قالوا: سِرّ كاتِم: أي مكتوم¹ لأنه من قولك: دُفِق الماء, على ما لم يُسَمّ فاعله. ولا يقال: دَفَق الماءُ. ويقال: دفَقَ الله رُوحَه¹ إذا دُعِي عليه بالموت. قال الفراء والأخفش: «من ماءٍ دافِقٍ» أي مصبوب في الرّحِم. الزجاج: من ماء ذي اندفاق. يقال: دارع وفارس ونابل¹ أي ذو فرس, ودِرع, ونبل. وهذا مذهب سيبويه. فالدافق هو المندفق بشدّة قوّته. وأراد ماءين: ماء الرجل وماء المرأة¹ لأن الإنسان مخلوق منهما, لَكِنْ جعلهما ماء واحداً لامتزاجهما. وعن عكرمة عن ابن عباس: «دافِقٍ» لَزِج. {يَخْرُجُ} أي هذا الماء {مِن بَيْنِ الصّلْبِ} أي الظهر. وفيه لغات أربع: صُلْب, وصُلُب ـ وقرىء بهما ـ وصَلَب (بفتح اللام), وصالب (على وزن قالَب)¹ ومنه قول العباس:
تُـنْقَـلُ مـن صـالَـبٍ إلـى رَحِـمٍ
{وَالتّرَآئِبِ }: أي الصدر, الواحدة: تَرِيبة¹ وهي موضع القِلادة من الصدر. قال:
مهْفهفة بيضاء غيرُ مُفاضةٍترائبُها مصقولةٌ كالسّجَنْجَلِ
والصّلْب من الرجل, والترائب من المرأة. قال ابن عباس: الترائب: موضع القلادة. وعنه: ما بين ثدييها¹ وقال عكرمة. ورُوي عنه: يعني ترائب المرأة: اليدين والرجلين والعينين¹ وبه قال الضحاك. وقال سعيد بن جبير: هو الجِيد. مجاهد: هو ما بين المنكِبين والصدر. وعنه: الصّدَر. وعنه: التراقي. وعن ابن جبير عن ابن عباس: الترائب: أربع أضلاع من هذا الجانب. وحكى الزجاج: أن الترائب أربع أضلاع من يمنة الصدر, وأربع أضلاع من يسرة الصدر. وقال معمر بن أبي حبيبة المَدَنيّ: الترائب عُصارة القلب¹ ومنها يكون الولد. والمشهور من كلام العرب: أنها عظام الصدر والنحر. وقال دُريد بن الصمة:
فإن تدبِروا نأخذكُمُ في ظهورِكُمْوإن تقبِلوا نأخذكم في الترائب
وقال آخر:
وبدت كأن ترائبا من نحرهاجمرُ الغَضَى في ساعدٍ تتوقد
وقال آخر:
والزعفرانُ على ترائِبِهاشِرق به اللبات والنحرُ
وعن عكرمة: الترائب: الصدر¹ ثم أنشد:
نِـظـامُ دُرٌ عـلـى تـرائـبـهـا
وقال ذو الرمّة:
ضَـرَجْـن الـبـرود عـن تـرائـب حـرة
أي شققن. ويروى «ضرحن» بالحاء¹ أي ألقين. وفي الصحاح: والتريبة: واحدة الترائب, وهي عظام الصدر¹ ما بين الترقوة والثّندُوة.
قال الشاعر:
أشـرفَ ثَـديـاهـا علـى الـتّـرِيـبِ
وقال المثقّب العَبْدِيّ:
ومِن ذَهَبِ يُسَنّ على تَرِيبٍكلون العاج ليسَ بذي غُضونِ
عن غير الجوهريّ: الثندوة للرجل: بمنزلة الثدي للمرأة. وقال الأصمعيّ: مَغْرِز الثدي. وقال ابن السكيت: هي اللحم حول الثدي¹ إذا ضممت أوّلها همزت, وإذا فتحت لم تهمز). وفي التفسير: يخلق من ماء الرجل الذي يخرج من صلبه العظم والعصب. ومن ماء المرأة الذي يخرج من ترائبها اللحم والدّم¹ وقاله الأعمش. وقد تقدّم مرفوعاً في أوّل سورة (آلِ عمران). والحمد لله ـ وفي (الحجرات) {إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ} وقد تقدّم. وقيل: إن ماء الرجل ينزل من الدماغ, ثم يجتمع في الأنثيين. وهذا لا يعارض قوله: «من بين الصلب»¹ لأنه إن نزل من الدماغ, فإنما يمرّ بين الصلب والترائب. وقال قتادة: المعنى ويخرج من صلب الرجل وترائب المرأة. وحكى الفراء أن مثل هذا يأتي عن العرب¹ وعليه فيكون معنى من بين الصلب: من الصلب. وقال الحسن: المعنى¹ يخرج من صلب الرجل وترائب الرجل, ومن صلب المرأة وترائب المرأة. ثم إنا نعلم أن النطفة من جميع أجزاء البدن¹ ولذلك يُشْبه الرجل والديه كثيراً. وهذه الحكمة في غسل جميع الجسد من خروج المني. وأيضاً المكثر من الجماع يجد وجعاً في ظهره وصلبه¹ وليس ذلك إلا لخلوّ صلبه عما كان محتبساً من الماء. وروى إسماعيل عن أهل مكة «يخرج من بين الصّلُب» بضم اللام. ورُوِيت عن عيسى الثقفي. حكاه المهدويّ وقال: من جعل المنِيّ يخرج من بين صلب الرجل وترائبه, فالضمير في «يخرج» للماء. ومن جعله من بين صلب الرجل وترائب المرأة, فالضمير للإنسان. وقرىء «الصّلَب», بفتح الصاد واللام. وفيه أربعُ لغات: صُلْب وصُلُب وصَلَبَ وصَالَب. قال العَجّاج:
فـي صَلَـبٍ مثـلِ الـعِنـان المـؤدَمِ
وفي مدح النبيّ صلى الله عليه وسلم:
تُنْقَل من صَالَبٍ إلى رَحِمٍ
الأبيات مشهورة معروفة.
{إِنّهُ} أي إن الله جل ثناؤه {عَلَىَ رَجْعِهِ} أي على ردّ الماء في الإحليل, {لَقَادِرٌ} كذا قال مجاهد والضحاك. وعنهما أيضاً أن المعنى: إنه على رد الماء في الصلب¹ وقاله عكرمة. وعن الضحاك أيضاً أن المعنى: إنه على ردّ الإنسان ماء كما كان لقادر. وعنه أيضاً أن المعنى: إنه على ردّ الإنسان من الكِبَر إلى الشباب, ومن الشباب إلى الكبر, لقادر. وكذا في المهدوِيّ. وفي الماوردِيّ والثعلبيّ: إلى الصّبا, ومن الصبا إلى النطفة. وقال ابن زيد: إنه على حبس ذلك الماء حتى لا يخرج, لقادر. وقال ابن عباس وقتادة والحسن وعكرمة أيضاً: إنه على ردّ الإنسان بعد الموت لقادر. وهو اختيار الطبريّ. الثعلبيّ¹ وهو الأقوى¹ لقوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ }. قال الماورديّ: ويحتمل أنه على أن يعيده إلى الدنيا بعد بعثه في الاَخرة¹ لأن الكفار يسألون الله تعالى فيها الرّجْعة.
** قوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ }.
فيه مسألتان:
الأولى: العامل في «يومَ» ـ في قول من جعل المعنى إنه على بعث الإنسان ـ قوله: «لقادر», ولا يعمل فيه «رَجْعِه» لما فيه من التفرقة بين الصلة والموصول بخبر «إنّ». وعلى الأقوال الاُخر التي في «إنه على رجْعِه لقادِر», يكون العامل في «يومَ» فعل مضمر, ولا يعمل فيه «لقادر»¹ لأن المراد في الدنيا. و{تُبْلَىَ} أي تمتحن وتختبر¹ وقال أبو الغُول الطّهَوِيّ:
ولا تَبْلَى بَسالَتُهُمْ وإنْ هُمْصَلُوا بالحَرْب حِيناً بعدَ حِينِ
ويروى «تبلى بَسالتُهم». فمن رواه «تُبلى» ـ بضم التاء ـ جعله من الاختبار¹ وتكون البسالة على هذه الرواية الكراهة¹ كأنه قال: لا يُعرف لهم فيها كراهة. و«تُبْلى» تُعْرَف. قال الراجز:
قد كنتَ قبلَ اليوم تَزْدَرينِيفاليومَ أبلُوكَ وتَبْتَلِينِي
أي أعرفك وتعرفني. ومن رواه «تَبْلَى» ـ بفتح التاء ـ فالمعنى: أنهم لا يضعفون عن الحرب وإن تكررت عليهم زماناً بعد زمان. وذلك أن الأمور الشّداد إذا تكررت على الإنسان هَدّته وأضعفته. وقيل: «تُبْلَى السرائر»: أي تخرج مخبآتها وتظهر, وهو كل ما كان استسره الإنسان من خير أو شر, وأضمره من إيمان أو كفر¹ كما قال الأحوص:
سَتُبْقىَ لها في مُضْمَر القلب والحَشَاسريرةُ ودّ يوم تُبْلَى السّرائرُ
الثانية: رُوِي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اِئتمن الله تعالى خلقه على أربع: على الصلاة, والصوم, والزكاة والغُسل, وهي السرائر التي يختبرها الله عز وجل يوم القيامة». ذكره المهدويّ. وقال ابن عُمر قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من حافظ عليها فهو وليّ الله حقاً, ومن اختانهنّ فهو عدوّ الله حقاً: الصلاة, والصوم, والغُسل من الجنابة» ذكره الثعلبيّ. وذكر الماورْدِيّ عن زيد بن أسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأمانة ثلاث: الصلاة, والصوم, والجنابة. استأمن الله عز وجل ابن آدم على الصلاة, فإن شاء قال صليت ولم يصل. استأمن الله عز وجل ابن آدم على الصوم, فإن شاء قال صمت ولم يصم. استأمن الله عز وجل ابن آدم على الجنابة, فإن شاء قال اغتسلت ولم يغتسل, اقرؤوا إن شئتم {يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ}, وذكره الثعلبي عن عطاء. وقال مالك في رواية أشهب عنه, وسألته عن قوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ}: أبْلغك أن الوضوء من السرائر؟ قال: قد بلغني ذلك فيما يقول الناس, فأما حديث اُحدّث به فلا. والصلاة من السرائر, والصيام من السرائر, إن شاء قال صليت ولم يصل. ومن السرائر ما في القلوب¹ يجزي الله به العباد. قال ابن العربيّ: «قال ابن مسعود: يُغفر للشهيد إلا الأمانة, والوضوء من الأمانة, والصلاة والزكاة من الأمانة, والوديعة من الأمانة¹ وأشدّ ذلك الوديعة¹ تُمَثّل له على هيئتها يوم أخذها, فيرمي به في قعر جهنم, فيقال له: أخرجها, فيتبعها فيجعلها في عنقه, فإذا رجا أن يخرج بها زلت منه, فيتبعها¹ فهو كذلك دَهْرَ الداهرين. وقال أبيّ بن كعب: من الأمانة أن ائتُمنتِ المرأة على فرجها. قال أشهب: قال لي سفيان: في الحَيضة والحمل, إن قالت لم أحِض وأنا حامل صُدّقت, ما لم تأت بما يعرف فيه أنها كاذبة. وفي الحديث: «غُسل الجنابة من الأمانة». وقال ابن عُمر: يُبدِي الله يوم القيامة كل سر خفيّ, فيكون زيناً في الوجوه, وشيناً في الوجوه. والله عالم بكل شيء, ولكن يظهر علامات الملائكة والمؤمنين.
** قوله تعالى: {فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ }.
قوله تعالى: {فَمَا لَهُ} أي للإنسان {مِن قُوّةٍ} أي مَنْعة تمنعه. {وَلاَ نَاصِرٍ} ينصره مما نزل به. وعن عِكرمة «فما له مِن قوّةٍ ولا ناصِرٍ» قال: هؤلاء الملوك, ما لهم يوم القيامة من قوّة ولا ناصر. وقال سفيان: القوّة: العَشِيرة. والناصر: الحلِيف. وقيل: «فما له من قوّةٍ» في بدنه. «ولا ناصِرِ» من غيره يمتنع به من الله. وهو معنى قول قتادة.
** قوله تعالى: {وَالسّمَآءِ ذَاتِ الرّجْعِ * وَالأرْضِ ذَاتِ الصّدْعِ * إِنّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هوَ بِالْهَزْلِ * إِنّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً }.
قوله تعالى: {وَالسّمَآءِ ذَاتِ الرّجْعِ} أي ذات المطر. ترجِع كل سنة بمطر بعد مطر. كذا قال عامة المفسرين. وقال أهل اللغة: الرجْع: المطر, وأنشدوا للمُتَنَخّل يصف سيفاً شبهه بالماء:
أبيضُ كالرجْعِ رَسُوبٌ إذاما ثاخ في مُحْتَفَلٍ يَخْتلِي
(ثاخت قدمه في الوحل تثوخ وتثيخ: خاضت وغابت فيه¹ قاله الجوهري.
قال الخليل: الرجع: المطر نفسه, والرجع أيضاً: نبات الربيع. وقيل: {ذَاتِ الرّجْعِ}: أي ذات النفع. وقد يُسمى المطر أيضاً أوْباً, كما يسمى رَجْعاً, قال:
رَبّاء شَمّاءُ لا يأوِي لِقُلتِهاإلا السحابُ وإلا الأوبُ والسّبَلُ
وقال عبد الرحمن بن زيد: الشمس والقمر والنجوم يَرْجعن في السماء¹ تطلع من ناحية وتغيب في أخرى. وقيل: ذات الملائكة¹ لرجوعهم إليها بأعمال العباد. وهذا قَسَم. {وَالأرْضِ ذَاتِ الصّدْعِ} قَسَم آخر¹ أي تتصدّع عن النبات والشجر والثمار والأنهار¹ نظيره {ثُمّ شَقَقْنَا الأرْضَ شَقّاً} (عبس: 26)... الاَية. والصدع: بمعنى الشّق¹ لأنه يصدع الأرض, فتنصدع به. وكأنه قال: والأرض ذات النبات¹ لأن النبات صادع للأرض. وقال مجاهد: والأرض ذات الطّرُق التي تَصْدَعها المشاة. وقيل: ذاتِ الحَرْث, لأنه يصدعها. وقيل: ذاتِ الأموات: لانصداعها عنهم للنشور. {إِنّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} على هذا وقع القَسَم. أي إن القرآن يَفْصل بين الحق والباطل. وقد تقدّم في مقدمة الكتاب ما رواه الحارث عن عليّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كتاب فيه خَبَر ما قبلكم وحُكْم ما بعدكم, هو الفَصْل, ليس بالهزل, من تركه من جَبّار قَصَمه الله, ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله». وقيل: المراد بالقول الفصل: ما تقدم من الوعيد في هذه السورة, من قوله تعالى: {إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ }. {وَمَا هوَ بِالْهَزْلِ } أي ليس القرآن بالباطل واللعب. والهزل: ضدّ الجِدّ, وقد هَزَلَ يَهْزِل. قال الكميت:
يُـجَـدّ بنـا فـي كـلّ يـومٍ ونَـهْـزِل
) {إِنّهُمْ} أي إن أعداء الله {يَكِيدُونَ كَيْداً} أي يمكرون بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابِه مَكراً. {وَأَكِيدُ كَيْداً} أي أجازيهم جزاء كيدهم. وقيل: هو ما أوقع الله بهم يوم بدرٍ من القتل والأسر. وقيل: كَيْد الله: استدراجُهم من حيث لا يعلمون. وقد مضى هذا المعنى في أوّل «البقرة», عند قوله تعالى: {اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} (البقرة: 15).
** قوله تعالى: {فَمَهّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً }.
قوله تعالى: {فَمَهّلِ الْكَافِرِينَ} أي أخرهم, ولا تسأل الله تعجيل إهلاكهم, وارضَ بما يدبره في أمورهم. ثم نسخت بآية السيف {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتّمُوهُمْ} (التوبة: 5). {أَمْهِلْهُمْ} تأكيد. ومَهْل وأمهِل: بمعنى¹ مثل نَزّل وأنْزِل. وأمهله: أنظره, ومهله تمهيلاً, والاسم: المُهْلَة. والاستمهال: الاستنظار. وتَمهّل في أمره أي اتّأد. واتْمَهَلْ اتْمِهْلالا: أي اعتدل وانتصب. والاتْمِهلال أيضاً: سكون وفتور. ويقال: مهلاً يا فلان¹ أي رِفقاً وسكوناً. {رُوَيْداً } أي قريباً¹ عن ابن عباس. قتادة: قليلاً. والتقدير: أمهلهم إمهالاً قليلاً. والرّوَيْد في كلام العرب: تصغير رُوْد. وكذا قاله أبو عبيد. وأنشد:
كـأنّـهَـا ثَـمِـلٌ يـمشِـي علـى رُودِ
أي على مَهل. وتفسير «رُوَيداً»: مَهْلاً, وتفسير (رُوَيْدَك): أمهِل¹ لأن الكاف إنما تَدْخله إذا كان بمعنى أفعِل دون غيره, وإنما حرّكت الدال لالتقاء الساكنين, فنُصِب نصب المصادر, وهو مصغر مأمور به¹ لأنه تصغير الترخيم من إرواد¹ وهو مصدر أرْوَد يُرْوِد. وله أربعة أوجه: اسمٌ للفعل, وصفة, وحال, ومصدر¹ فالاسم نحو قولك: رُوَيْدا عَمْراً¹ أي أروِد عمرا , بمعنى أمهِله. والصفة نحو قولك: ساروا سيراً رُوَيْدًا. والحال نحو قولك: سار القوم رُوَيْداً¹ لما اتصل بالمعرفة صار حالاً لها. والمصدر نحو قولك: رُوَيْدَ عَمرٍو بالإضافة¹ كقوله تعالى: {فَضَرْبَ الرّقَابِ} (محمد: 4). قال جميعه الجوهريّ: والذي في الاَية من هذه الوجوه أن يكون نعتاً للمصدر¹ أي إمهالاً رُوَيداً. ويجوز أن يكون للحال¹ أي أمهلهم غير مستعجل لهم العذاب. ختمت السورة.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى